المصدر: مؤسسة حسن صعب للدراسات والأبحاث ــ محمد ع. درويش.
نؤرخ اليوم سنتين على رحيل نقيب الصحافة محمد البعلبكي الذي لن يغيب من تاريخ الصحافة اللبنانية الذي وسمه بحضوره طوال عقود من الزمن.
ولد البعلبكي عام 1921 في مدينة بيروت، حيث التحق بالكلية الشرعية وتلقى علومه الدينية والأدبية فيها، ثمَّ انتسب إلى الجامعة الأميركية بعد منحة دراسية، ليتخرج منها عام 1942 حائزاً إجازة في الأدب العربي.
تولى في مسيرته سكرتارية مجلة “العروة” قبل الإلتحاق بأسرة جريدة “الديار”، وتفرَّغ بعدها للصحافة حيث عمل في عدد من الصحف والمجلات وأسهم في تأسيس “الصياد”، “كل شيء” و”صدى لبنان”. لقد ظلّ محمد البعلبكي يقاوم في السياسة كما في مهنة الصحافة.
يقول الأستاذ طلال سلمان: “النقيب محمد بعلبكي جاهدَ طويلاً لحماية المهنة، وسط زلازل الحروب الأهلية في لبنان ثم في المنطقة، فلما عجز حاول حماية نقابة الصحافة في لبنان كمنبر لفلسطين وسائر القضايا القومية والوطنية، وصولاً إلى القضايا المطلبية، فكانت ملجأ جميع المظلومين والمقهورين والباحثين عن العدالة”.
برحيل النقيب بعلبكي: “خسر لبنان علماً من أعلام لبنان الوطنيين”، هذا النقيب الذي استمر فترة طويلة برضى الجميع في لبنان كان من الشخصيات الكبرى التي آمنت ودافعت عن الحرية، وكان من أعمدة لبنان المدافعة عن كرامة وعزة وشعب لبنان، ومدافعاً بليغاً عن الحرية بشكل عام وحرية التعبير عن الآراء والأفكار. لذلك كنا نراه في المقدمة خلال كل المحطات.
النقيب بعلبكي: “كان إنسانٌ واسع الصدر، مرحبٌ بكل نقدٍ موجه له ولغيره على اعتبار أن النقد البناء مدرسة في أسلوب الكتابة”.
عُرفَ البعلبكي بتواضعه، وإعطاء كل صاحب حقّ حقه. جمع بين سلطتين، سلطة التهذيب والوداعة وتقدير الغير وسلطة الكلمة الحرة. أسلوبه العربي كان مميّزاً بحكم أنه كان طالباً في الأزهر، وبعد ذلك تابع دراسته في الأدب العربي بالجامعة الأميركية في بيروت حيث تخرّج.
كان البعلبكي من المميّزين في الصحافة إلى جانب جبران تويني الجد، وكميل يوسف شمعون. أما أبرز تلامذته فكان البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم، والأستاذ غسان تويني، ومنح الصلح، وبهيج طباره، وعبد الرحمن الصلح وجبران الحايك، وغيرهم”.
لقد كان النقيب البعلبكي مناضلاً في سبيل الكلمة الحرة والدفاع عن دور لبنان الريادي. وكان رسول محبة وخير محارب ضد الجهل والظلم.